قال الله تعالى:(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}”
الأربعاء، يونيو 09، 2010
28 قصة من حياة الصالحات المعاصرات
28 قصة من حياة الصالحات المعاصرات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحمدُ الله تعالى على أَنْوفَّقَنِي لِجَمْعِ سِيرِ الصالحات، فلقد ظَنَنْتُ أَنَّ الصالحات فيزَمَانِنَا أَقَلُ مِنَ الأَزْمَاِن الغابرة السابقة، لكن لما رأيتُ وبحثتُوجمعتُ بعض الأخبار وجدتُ العجب، فإليكم هذه الأخبار:
القصة الأولى:
عَمَّةُ أحد طلاب العلمدائماً تصلي ولا تُرى إلا على مُصلاها، ولما ماتت رأتها قريبةٌ لها علىصورةٍ حسنة، فسألتها عن حالها، فقالت: أنا في الفردوس الأعلى، قالت قريبتهابماذا؟ قالت: عليك بكثرة السجود.
القصةالثانية:
أخبرني أحد طلاب العلم أنه اتصلت به امرأة وهي تبكيوظنَّ أنها قد أذنبت بل قالت له: يا شيخ إني قد عصيت الله عز وجل، معصيةًعظيمة، فلما استفسر منها وسألها، فإذا هي قد تركت صلاة الوتر البارحة،فقالت: هل من كفارة أُكَفِّرُ بها عن ذنوبي.
القصةالثالثة:
تقول إحدى مديرات دُور تحفيظ القرآن: لمّا افتتحناالدار كان عندنا دَرَجٌ في الشارع ولم نجعل ممراً للعربات، لا لكبيراتالسِّن ولا للمعوقات، قالت: وفي اليوم الأول للتسجيل فوجئنا بامرأة تجاوزتالستين من عمرها وهي تحبوا على الدَرَج، تريد الدخول للدار فالتحقت بهم لكنصَعُبَ عليها الاستمرار بعد مُدة، ولم تستطع أن تواصل الحفظ، لِكِبَرِسنها وقعدت في بيتها .
القصة الرابعة:
وهذهأخرى من الصالحات، حَفِظت القرآن وهي فوق الستين، وأخبارها عجيبة، لكنمُلخص الخبر وهذا الموقف أو المواقف لها، أنها تجاوزت الستين ولمّا ختمتالقرآن في رمضان الماضي، استأجرت امرأة لا تعرفها ولا تعرفها النساء اللاتيحولها، حتى تُسَّمِع لها القرآن كاملاً، ولا يعلم بخبرها إلا قلة منالنساء، وأَخَذَت العهد على بعض النساء ألاّ يُخبرن أحداً.
القصة الخامسة:
فتاةٌ أخرى لها همةٌ عاليةعظيمة، شابةٌ مُعاقة، أُصيبت في حادث بشللٍ رباعي جعلها طريحة الفراش أكثرمن خمس عشرةَ سنة، امتلأ جسمها قروحاً وتآكل اللحم بسبب ملازمتها للفراش،ولا تُخرج الأذى من جسدها إلا بمساعدة أمها، لكن عقلها متدفق وقلبها حيمؤمن، فَفَكرت أن تخدم الإسلام ببعض الأمور، فوجدت بعض الأساليب والطرقالتي تنفع بها دين الله عز وجل، أو تنفع بها نفسها وتنشر دين الله عز وجل،فجَعلت ما يلي:
1/ فتحت بيتها لمن شاء، من النساء أن يزورها، أو حتىمن الناس من محارمها أن يزوروها ليعتبروا بحالها، فتأتيها النساء ودارِساتالتحفيظ، ثم تُلقي عليهن محاضرةً بصوتها المؤثر.
2/ جعلت بيتهامستودعاً للمعونات العينية والمادية للأسر المحتاجة، وتقول زوجة أخيها: إنَّ ساحة البيت الكبيرة لا أستطيع أن أسير فيها من كثرة المعونات للأسرالضعيفة.
3/ تُجهز المسابقات على الكتب والأشرطة وتوزعها على الأسرالمحتاجة مع المواد الغذائية، ويقول أحد محارمها: إني لا أستطيع أنأُحَضِّر المسابقات إلا من طريقها.
4/ لا تدع مُنكراً من المنكرات،من منكرات النساء إلا وتتصل على صاحبة المُنكر وتُنكر عليها.
5/ تُشارك في تزويج الشباب والشابات عن طريق الهاتف.
6/ تُساهم فيإصلاح ذاتِ البين وفي حلول المشاكل الزوجية إنها والله امرأةٌ عجيبة.
القصة السادسة:
وهذه أُخرى لا يُطيعهازوجها أن تذهب للمحاضرات، فبدأت تتصل على النساء اللاتي تعرفهن من الجيرانومن الأقارب ومن الزميلات، فتحُثُهُن على حضور المحاضرات وهي قليلة الحضورللمحاضرات بسبب زوجها.
القصة السابعة:
امرأةفي مدينة الرياض، لها في كل باب من أبواب الخير سهم، فهي تساعد الراغبينفي الزواج، وتعطي أُسرة السجين، وتقوم على الأرامل والمساكين، ومن أعمالهاأنها تسببت في بناء سبع مساجد في المملكة، وكَفَلَتْ (500) أسرة من الأسرالمحتاجة، وقد كَفِلَتْ (30) يتيماً أيضا، وأَسَلم بسببها في دولة تشادبأفريقيا قريباً من مائتي ألف رجل وامرأة، لله دَرُّها.
القصةالثامنة:
وهذه امرأة أخرى، فتحت دارها للعلم والدعوةوالتحفيظ، فلمّا كَثُرتَ النساء والأطفال عندها، فتحت على حسابها وعلى حسبما تجمعه من النساء دارًا في مكان آخر .
القصةالتاسعة:
أُقيمت مرة محاضرة في مدينة الرياض، ووصل حضورالنساء إلى: سبعة آلاف امرأة، وقبل المغرب بساعة وصل العدد كما يقول أحدأهل العلم عن إحدى قريباته إلى: عشرة آلاف امرأة.
القصة العاشرة:
بعض المريضات في المستشفىيقلن: من أحسن الهدايا لنا أثناء الزيارة وأيام العيدين، أن يأتي أحدالزوار لنا، بمصحف أو شريط للقرآن أو أن يأتي بالكتب النافعة.
القصة الحادية عشر:
وهذه أم عبد الرحمن،تأتي مع زوجها من أقصى جنوب الرياض إلى أقصى شرقه، يتركها زوجها فيالمستشفى للعلاج ويذهب هو لدوامه، وتمر عليها فترات تحتاج إلى المستشفى كليوم تقريباً، فاستغلَّت هذه المرأة الداعية المريضة جلوسها الطويل فيالمستشفى وانتظارها لدورها في العلاج الوقت بالدعوة إلى الله عز وجلوالتذكير به سبحانه وتعالى وزيارة المريضات، وتقوم بتعليمهن الصفة الصحيحةللطهارة والصلاة وأحكام طهارة المريض، ولا تترك فرصةً لدعوة ممرضة أو طبيبةإلا وتقوم بالدعوة، وهكذا تتنقل بين الأقسام وقد نفع الله عز وجل بهانفعاً عظيماً.
فاللهم اشفها وعافها، فما أعظم الأجر، تحمل في جسدهاالمرض، وفي قلبها النور والإيمان والدعوة إلى الله عز وجل، وتقوم بتنفيسالكُربات عن المحزونين والمرضى، واللــــــه عز وجل الموعد.
القصة الثانية عشر:
امرأة أخرى مات زوجهاوهي في الثلاثين من عمرها، وعندها خمسة من الأبناء والبنات، أظلمت الدنيافي عينها وبكت حتى خافت على بصرها، وطوّقها الهم وعلاها الغم، فأبناءهاصغار وليس عندها أحد، كانت لا تصرف مما ورثته من زوجها إلا القليل، حتى لاتحتاج إلى أحد، وذات مرة كانت في غرفتها في شدةِ يأس وانتظار لفرج الله عزوجل، ففتحت إذاعة القرآن الكريم وسمعت شيخاً يقول: قال رسول الله ــ صلىالله عليه وسلم ــ<<من لزِم الاستغفار جعل الله له من كل همِِّ فرجاً،ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب>>، تقول هذهالمرأة: فبدأتُ أُكثر من الاستغفار وآمر به أبنائي، وما مرَّ بهم ستة أشهرحتى جاء تخطيط لمشروع على أملاكٍ لهم قديمة ، فعُوِّضت هذه المرأة عنأملاكهم بملايين، ووفَّق الله أحد أبناءها فصار الأول على أبناء منطقته،وحفظ القرآن الكريم كاملاً، وصار الولد محل عناية الناس واهتمامهم ورعايتهملما حفظ القرآن، وتقول هذه الأم: وملأ الله عز وجل بيتنا خيراً، وصرنا فيعيشةٍ هنيئة، وأصلح الله كل ذريتها، وأذهبَ الله عنها الهم والغم، وصدقالله عز وجل إذ يقول:{
وهذا رجلٌ صالح عابد أُصيبت زوجته بمرض السرطانولها منه ثلاثة من الأبناء، فضاقت عليهما الأرض بما رَحُبَتْ، وأظلمتعليهما الأرض، فأرشدهما أحد العلماء إلى: قيام الليل، والدعاء في الأسحارمع كثرة الاستغفار، والقراءة في ماء زمزم، واستخدام العسل، فاستمرا على هذهالحالة وقتاً طويلاً، وفتح الله عز وجل على هذا الرجل وزوجته بالدعاءوالتضرع والابتهال إليه جل وعلا، وكانا يجلسان من بعد صلاة الفجر إلى طلوعالشمس، ومِنْ صلاة المغرب إلى صلاة العشاء ــ على الذكر والدعاءوالاستغفار، فكشف الله عز وجل ما بها وعافاها، وأبدلها جِلداً حسناً وشعراًجميلاً، قال الله سبحانه وتعالى:{(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُالسُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِقَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (.
القصةالرابعة عشر:
وهذه امرأة صالحة ومتصدقة كريمة، شَهِدَ لهابهذا الأمر المُقرَّبُون، خمسون عاماً مرَّت عليها وهي بَكْمَاء لا تتكلم،اعتاد زوجها هذا الوضع، مؤمناً بقضاء الله وقدره، وفي ليلة من الليالياستيقظت المرأة وبدأت تُصلي بصوتٍ مسموع، فقام زوجها مُستغرباً فَرِحاً، ثمسمعها تنطق بالشهادتين نُطقاً صحيحاً، ثم تضرعت إلى الله عز وجل بالدعاء،وكان زوجها ينتظرها تنتهي من صلاتها فَرِحاً بها لكنها تُوفيت بعد قيامهاالليل، هنيئاً لها، فمن مات على شيء بُعِثَ عليه.
القصة الخامسة عشر:
ذكر أحد الدعاة عن امرأةفي روسيا، امرأةٌ غريبة في الدعوة إلى الله عز وجل، والصبر على التعليم،قد صنعت هذه المرأة ما لم يصنعه الرجال، ظلَّت هذه المرأة خمس عشرة سنةتدعوا إلى الله عز وجل سِراً، أيام الحكم الشيوعي، وتنتقل من بيت إلى بيتوتُعلِّم النساء القرآن وتُخرِّج الداعيات، ولم تغفل أيضاً عن أسرتها ولاعن أولادها، فأولادها من كبار الدعاة في روسيا، وأزواج بناتها الأربع كلهممن الدعاة أيضاً، وأحد أزواج بناتها هو مُفتي البلدة التي تُقيم فيها هذهالمرأة.
القصة السادسة عشر:
طالبةأمريكية متمسكة بالحجاب مُعتزةً بدينها، أسلم بسببها (3) من الأساتذة فيالجامعة، وأربعة من الطلبة، لمّا أسلم أحد الأساتذة بدأ يذكر قصته ويقول: قبل أربع سنوات ثارت عندنا زَوبَعَة كبيرة في الجامعة حيث التحقت بالجامعةطالبة مسلمة أمريكية، وكانت متحجبة وكان أحد الأساتذة من معلميها متعصباًلدينه، يُبغض الإسلام، كان يكره كل من لا يُهاجم الإسلام، فكيف بمن يعتنقالإسلام؟ وكان يبحث عن أيفرصة لإستثارة هذه الطالبة الضعيفة، لكنها قوية بإيمانها، فكان ينال منالإسلام أمام الطلاب والطالبات، وكانت تُقابل شدته بالهدوء والصبروالاحتساب، فازداد غيضه وحَنَقُه، فبحث عن طريقة أخرى مَاكِرة، فبدأ يترصدلها في الدرجات في مادته ويُلقي عليها المهام الصعبة في البحوث، ويُشددعليها بالنتائج، ولمّا لم تستطع التحمل وانتظرت كثيراً وتحملت تحمُّلاًعظيماً، قَدَّمت شكوى لمدير الجامعة للنظر في وضعها، فأجابت الجامعة طلبهاوقررت أن يُعقد لقاء بين الطرفين، مع حضور جمع من الأساتذة لسماع وجهة نظرالطالبة مع معلمها، بحضور بعض الأساتذة والدكاترة والطلاب، يقول هذا الكاتبالذي أسلم وهو أحد الأساتذة، حضر أكثر أعضاء هيئة التدريس، يقول هذاالدكتور: وكنا مُتحمسين لحضور هذه الجولة والمناظرة والحوار، التي تُعتبرالأولى من نوعها في الجامعة، فبدأت الطالبة تذكر أن الأستاذ يُبغض الإسلامولأجل هذا فهو يظلمها ولا يعطيها حقوقها ثم ذكرت بعض الأمثلة، فكان بعضالطلبة قد حضروا وشَهِدوا لها بالصدق ولِمُعلمها بالكذب، وهم غير مسلمين،فلم يجد الأستاذ الحاقد على الإسلام جواباً، فبدأ يَسُبُّ الإسلام ويتهجمعليه فقامت هذه الطالبة تُدافع عن دينها وتُظهر محاسن الإسلام، يقول هذاالدكتور: وكان لها أسلوبٌ عجيب لجذبنا، حتى أننا كنا نُقاطعها ونسألها عنأمور تفصيلية في الإسلام فتُجيب بسرعة بلا تردد، فلمّا رأى الأستاذ الحاقدذلك منهم خرج من القاعة واستمرت هذه الطالبة مع بعض الأساتذه والطلاب،وأعطتهم ورقتين كتبت عليهما عنوانًا:ماذا يعني لي الإسلام؟
فذكرت هذه الطالبةالدوافع التي دعتها للإسلام، ثم بيَّنت أهمية الحجاب وعَظَمَةْ الحياءوالحِشْمَة للمرأة، وأنه سبب الزَوبَعَهمن هذا الأستاذ، ولم تكتفي بهذا،بل قالت: أنا مُستعدة أن أُطالب بحقي كله حتى لو تأخرتُ عن الدراسة، يقولهذا الكاتب: لقد أُعجبنا بموقفها وثباتها ولم نتوقع أنَّ الطالبة بهذاالثبات والتحمل، وتأثرنا بصمودها أمام الطلاب والمعلمين، فصارت المُحجبة هيقضية الجامعة أيامها يقول فبدأ الحوار يدور في عقلي وفي قلبي، حتى دخلتُفي الإسلام بعد عِدةِ أشهر، ثم تبعني دكتورٌ ثانٍ، وثالثٍ في نفس العام، ثمأصبحنا جميعاً دُعاةً إلى الإسلام. إنَّــها امــراةٌ قليلة المثيـــلفي هذا الزمان . . .
القصة السابعة عشر:
حدثني أحد إخوانهابخبرها لقد ماتت رحمةُ الله عليها، قبل مُدة ليست بالطويلة، فهي مَدْرَسَةٌفي الأخلاق العالية، يُحبها الصغير والكبير، كما قال عنها أهلها وزوجها،في المناسبات يجتمع عليها الصغار والكبار، تتَّصل على القريب والبعيد وتسألعن الأحوال ولا تترك الهدايا للأقارب، هي امرأةٌ زاهدة، ثيابها قليلةوَرَثَّة، أُصيبت هذه المرأة بمرض السرطان، نسأل الله عز وجل أن يجعلها فيالفردوس الأعلى، مِن صبرها وثباتها بقيت سنةً ونصف لم تُخبر أحداً إلازوجها، وأخذت عليه العهد والميثاق والأيمان المُغلظة ألاَّ يُخبر أحداً،ومِن صبرها وثباتها ــ رحمةُ الله عليها ــ أنها لا تُظهر لأحدٍ شيئاً منالتعب والمرض، فلم يعلم بها حتى أولادها وابنتها الكبيرة التي تخرج معهاإذا خَرَجَتْ، إذا جاءها أحدُ محارمها أو أحدُ إخوانها أو ضيوفها مِنالنساء، فإنها تستعد وتلبس الملابس وتُظهر بأنها طبيعية ...
وكانأحدُ إخوانها أَحَسَّ بأنها مريضة وفيها شيء، فقد انتفخ بطنُها وظَهَرتعليها علامات المرض ولمّا أَلَحُّوا عليها إلحاحاً عظيما، أخبرتهم بشرط أنلا تذهب إلى المستشفى، تُريد الاكتفاء بالقرآن والعسل وماء زمزم، ولمّاأَلَحُّوا عليها وأخبروها بأن هذا الأمر والعلاج والدواء لا يُنافي التوكل،وافَقَتْ وشَرَطَتْ أن تذهب إلى مكة المكرمة للعمرة قبل أن تذهب للمستشفى،ثم ذَهبت في الصيف الماضي مع أهلها وبَقيتْ قُرابة الأسبوعين، ولمّا رجعتْمن العمرة وذهبت إلى الطبيب، شَرَطَتْ ألاَّ يدخل عليها أحدٌ سِوى الطبيبوزوجها، وكانت مُتحجبة ومُغطيةً لوجهها ولابِسةً القُفَازَينْ، ولم تكشفإلا موضع الألم المحدد في جزءٍ من البطن حتى لا يُرى شيئاً آخر منها، فرأىهذا الطبيب وتَعَجب واستغرب من وضعها ومن صبرها، فرأى أن الماء السام بسببالورم في بطنها وصل إلى ثلاثةَ عشر لِتراً، وكان من بُغضها للمستشفى تقوللأحد إخوانها وفَّقَهُ الله، وهو الذي اهتم بها ويُراعيها في آخر وقتهاتقول له: إنِّي أُبغضُ الشارع الذي فيه المستشفى ...
لأنها لا تُريدالذهاب إلى الرجال ولا الخروج من البيت، تَحَسَنَتْ أحوالها في رمضانالماضي، ثم عرض عليها أخوها الحج فلم تُوافق وحصل لها شيءٌ من التردد،لأنها إذا قامت يحصل لها تعبٌ أو إعياء أو دوار، ولا تستطيع أن تنهضواقِفَة واستبعدت الحج، ولمّا أَصَرَّ عليها وافقت، حجَّ بها أخوها فيقول: قد حججتُ كثيراً مع الشباب وجرَّبتُ عدة رحلات وسفرات مع الشباب لكن يقول: والله ما رأيت أسهل من هذه الحجة مع هذه المرأة المريضة، والنبي ــ صلىالله عليه وسلم ــ يقول: "إنَّما تُنصرون وتُرزقون بضعفائكم"، يقول هذاالأخ: وقد يَسّرَ الله عز وجل لنا أشخاصاً لخدمتنا بدون سبب، سواءً فيالرَّمِي أو في الممرات أو في النزول من درج الجمرات، ويقول أخوها: كان بعضعُمَّال النظافة حول الجمرات قد وضعوا حِبالاً لتنظيف ما حول الجمرات،يقول لمّا قَدِمْنَا لرمي الجمرة لم نستطع أن نَقْرُب فنادانا أحدالعَسَاكِرْ فقال: أُدْخُلُوا من تحت هذا الحبل ، بدون أي سبب، وحصل لهمهذا الأمر في الدور الثاني في اليوم الثاني ...
ولمّا أرادوا النزولناداهم أحد العَسَاكِر، بدون أي سبب، ولا يظهر على المرأة أي علامة منعلامات التعب أو المرض، يقول أخوها وكل المناسك قد يُسِّرَتْ لنا، وكانتهذه المرأة تهتم بالدعوة، فَقَلَّمَا تذهبُ إلى مجلسٍ إلاَّ وتُذكرُ باللهعز وجل، أو تدعوا إلى الله تعالى، أو تُعَلِّم أو تُخْرِجُ كتاباً منشنطتها وتقرأ أو تأمر إحدى النساء بالقراءة وهي التي تشرح، قد كَفِلَتْيتيماً على حسابها، ولا تذهب إلى قصور الأفراح، وهي قليلة الاختلاطبالنساء، إنْ اجتمعت مع النساء لا تحضر إلاَّ للعلم أو الدعوة إلى الله عزوجل، وليس عندها ذهبٌ فقد باعته كله قبل مرضها، كانت تُرَكِزُ على البرامجالدعوية، وما زال الكلام لأخيها، وهي تُرَكِز على الخادمات بالأخَّصْ،وتُعلِمُهُن وتُعطيهن بعض السور للحفظ، كانت مُنذُ فترةٍ طويلة تتواصل معأخيها على قيام الليل، فالذي يقوم الأول هو الذي يتصل على الآخر قبل الفجربنصف ساعة، ثم بدأت أُمُّهُمْ حفظها الله وصبَّرها وثبَّتها معهم، مع هذهالمرأة المريضة وأخيها البَّارْ ...
ثم بدأت هذه المرأة تتواصى معنساء الجيران، وفي شِدَةِ مرضها في سَكَراتِ الموت، لمّا كانت في المستشفىقبل وفاتها وفي أثناءِ المرض ما تَذَمَرتْ ولا تَأَفَفَتْ ولا جَزِعتْ، بلكانت صابرةً مُحْتَسِبَةْ، يقول أخوها: أشدُّ ما سَمِعْتُ منها من الكلماتقالت: يا ربِّ فرِّج عنِّي، وكانت في أثناء السَكَراتْ يقرأ عليها أحدُالدُعاة، فماتت وهو يقرأ عليها رَحِمها الله، أمَّا بالنسبةِ للتغسيل: لمّاأُحضرتْ لمغسلة الأموات يقول أخوها: قد أَصَرَّ الصغار و الكبار حتىالأطفال من العائلة يُلاحظون التغسيل، فحضروا جميعاً في مغسلة الأمواتوصَلّوا عليها، أمَّا أخوها الذي كان يُلازمها فقال: لقد رأيتُها لمّاأُخرِجَتْ من الثلاجة قد تغير الشُحُوب الذي كان فيها والتعب انقلبَ إلىنورٍ و بَياضْ ...
وكانت هذه المرأة الصابرة المُحتسبة ــ رَحِمَهَاالله ــ رَأَتْ رُؤيا قبل وفاتها بشهرٍ ونصف، كأنها جاءت لِدارٍ تُريدُ أنتدخُلها، فَسَمِعَتْ رجال يقولون عند الدار ليسَ هذا بيتُك اذهبي إلى بيتٍآخر، ثم رَأَتْ قصراً أعلى من الأول وله دَرَجٌ رفيع أو سلالم رفيعة،فلمّا أرادت أن تصعد ناداها رجُلان من أعلى القصر، وهذا كله في الرؤيا، وهيالتي قَصَّتْ الرؤيا على من حولها، وكان في أعلى القصر رجُلان عرضا عليهاالمُساعدة لِتصعد الدرج، فَتَحَمَّلَتْ وتَصَبَّرتْ ثم صعدتْ بِنَفْسِهابعدَ تعبْ، تقول: لمّا صَعَدتُ إلى القصر أَحْسَـسَتُ براحةٍ وسعادة وسُرورحتى وهي في المنام، ثم قالت لِمَنْ حولها: لا تُفَسِّروا هذه الرؤيا، فأناإن شاء الله عز وجل أَسْتَبْشِرُ بِخير. فَرَحْمَةُ الله عليها، وجَمَعَهاوأهلها في الفردوسِ الأعلى.
القصة الثامنةعشر:
كَتَبَتْ إحدى مُديرات مدارس التحفيظ تقول: تَقَدَمَتْامرأةٌ للتسجيل في مدرسةٍ من مدارس التحفيظ، فلم تُقبل لإكتفاء العددولأنها تَقَدَمَتْ مُتأخرة، فذهبت هذه المرأة إلى مكتب المديرة، تقولالمديرة: تَقَدَمَتْ هذه المرأة وهي تبكي بِحُرقة وتقول: أرجوكم لاتَرُدوني، فإنِّي والله مُسْرِفة على نَفْسِي في المعاصي، وكُلَما عَزَمْتُعلى التوبة والرجوع إلى الله عز وجل أَضعَفُ وأعود إلى ما كُنْتُ عليه،تقول هذه المديرة: فلمّا سَمِعْتُ ما قالت ولَمَسْتُ صِدْقَ حدِيثِهَاورأيتُ بُكاءها قَبِلْتُها، ودخَلَتْ في ذلك العام في دورةِ الحِفْظوالتجويد، أو في دورة الحفظ في سنة، والتجويد في السنة التي بعدها، تقولوبفضل الله عز وجل، قد خَتَمَتْ كتابَ الله تبارك وتعالى، وهي من المعلماتالقديرات الداعيات إلى الله عز وجل، بل مِن خِيرةِ الأخوات الصالحات، ولاأُزكيها على الله عز وجل.
القصة التاسعة عشر:
امرأةٌأخرى قاربتْ السبعين من عمرها، تحفظ القرآن في نفسِ هذه المدرسة، تحضرُلِحِفْظِ القرآن في الصباح والمساء، تقول هذه الكاتبه: هذه امرأةٌ عجيبة،وصَلَتْ إلى السبعين، امرأةٌ نَذَرت نفسها لله عز وجل وللأعمال الخيريةالتي تُقرِّبها إلى الله جل وعلا، فهي لا تَفْتُرُ ولا تَكْسَلْ ولاتستكين، طوال العام تعمل في الصيف و الشتاء، ولا تُرى إلاَّ في طاعةِ الله،تعيش هذه المرأة في منزِلٍ كبير لوحدها مع عاملةٍ لها، ورَّبَتْ هذهالعاملة على العمل الخيري و الاحتساب، ولها عدة أعمال منها: أنها تُشارك فيكثير من البرامج بل تقول هذه الكاتبه: في كل برنامج أو مشروع أو جمعتبرعات، ما يُقام شيء إلاَّ ويكون لها سهمٌ كبير، وقد رزقها الله عز وجل،أبناءَ بارِّين بها، ويُعينُونها بالمال وبما تريد، تقول فوالله إنَّ هذهالمرأة مصدرٌ مهم بعد الله عز وجل، بإمدادنا بالهمةِ العالية والعزيمةِالصادقة، وهي نموذجٌ حي يَنْدُرُ وجوده في هذا الزمان.
القصة العشرون:
جاء رجلٌ كان مُسرفاً علىنفسه بالمعاصي، وكان يشرب الخمر، ويسهر مع رُفقاء السوء على الخمرِوالغناء، وكان يترك الصلاة أو يُصلي أحياناً حياءً أو خَجَلاً أو مُجاملةً،وذات مرة زار هذا العاصي إحدى قريباته، فَحَمِلَ طفلاً من أولادها،فَبَالَ هذا الطفل على هذا الرجل العاصي المُسرف على نفسه، يقول هذا الرجلبعد ما تاب، فَقُلتُ لأمه خُذي هذا الطفل فقد بَالَ على ملابسي، فقالت: الحمد لله أنه لم يَبُل على ملابس فُلان، وكان قد حضر معه أحد أقاربها منمحارمها فاستغرب هذا الرجل العاصي، وكُلُنا ذلك الرجل، وقال ما السبب؟قالت: أنت لا تصلي، مثل هذا الرجل، والبَول على الثياب لا يضرك، بهذهالكلمات القليلة، أنتَ لاتُصلي ــ لست مثل هذا الرجل ــ البول على الثيابلا يضرك يقول هذا العاصي: فَرَجَعْتُ إلى المنزل وتُبْتُ إلى الله عز وجل،واغْتَسَلْتُ وتركتُ الخمر وهجرتُ رُفقاء السوء، ولَزِمتُ الصلاة،وفَرِحَتْ بي زوجتي المُتدينة التي تحُثُني دائماً على تركِ الخمر، يقولالكاتب: لمَّا أَخَذَ منه بعض هذه القصة، يقول الكاتب: لقد رأيتُ الرجل قبلموته يترك أي عمل إذا سَمِعَ المُؤذن، وإذا كان في السيارة يقف عندأَقْرَبِ مسجد إذا سَمِعَ الأذان، فرحمةُ الله عليه وعفـا عنَّـا وعنه.
القصةالحادية والعشرون:
امرأةٌ أُخرى مُتحجبة بعد الخمسين، لقدتَقَدمت بها السِّن وهي لا تهتم باللباس الشرعي وليس عندها من ينصحها، يقولأحد أقاربها: أنشَأت جماعة أنصار السُّنة المُحمدية في قريتنا مكاناًلتحفيظ القرآن الكريم، وخَصَّصُوا مكاناً للنساء، فبدأتْ هذه المرأة تحضروتأثرت بالدروس والحجاب والصلاة، وتركت مُصافحة الرجال، وحَفِظَتْ بعضقِصار السور، وتَحَجَبَتْ حِجاباً كاملاً، وغَطَتْ وجهها، ولمّا زاد عمرهاوتَقَدمتْ بها السِّن، قيل لها: إنَّ وضع الحجاب في حقك جائز لا بأس فيه،ثم يذكُرون قول الله تبارك وتعالى) وَالْقَوَاعِدُمِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّجُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ(،ثم يسكتون، وتقول لهم أكملوا هذه الآية {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌلَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، كانت تقول: أُريد العفاف ولطالماكَشَفْتُ وجهي وأنا صغيرة وجاهلة، فكيف أكشفه وأنا كبيرة مُتعلمة حافظة،وبالتزامها بالحجاب تأثَرَتْ بها أصغرُ بناتها في البيت فَتَحَجَبَتْكَأُمِّها.
القصة الثانية والعشرون:
امرأةٌأمريكية يضربها زوجها، أمريكية نصرانية تزوجها رجل سَيءُ الخُلُقْ،يدَّعِي أنه مُسلم، وطوال الثمان سنوات كما تقول لم يحدِّثها عن دينه، وبعدمُدّة تقول: رأيتُ رؤيا في المنام سَمِعْتُ فيها الأذان، وبعد مُدَّة وهيتُشاهد التلفاز رَأَتْ المسلمين في شهر رمضان في إحدى الدول وسَمِعَتْالأذان مَرَّةً أخرى، رَأَتْ المسلمين فقط في شهر رمضان، قد يكونون ذاهبينإلى المسجد أو يُفْطِرونْ في الحرم، وسَمِعَتْ الأذان مَرَّةً أخرىفارتاحتْ كثيراً، وبدأتْ تقرأ وتبحث عن الإسلام، فَأَسْلَمَتْ، ومن أسبابإسلامها، سَأَلَتْ عن أمرِ زوجها فقيل لها: أنه مسلم كَمِثْلِ هؤلاء الذينيصومون رمضان، وكان عندها اضطراب بين زوجها وبين المسلمين في عقلها، لكنتقول: عندما أسْلمتُ تَحَجَبْتْ، فتلقاها زوجها سيءُ الخُلُقْ بالضربوالسَّبْ، ومَزّقَ حجابها لأنه رجلٌ دبلوماسي كما يقول، وهي تُحْرِجُهُكثيراً بين المسؤولين بهذا الحجاب، وازدادت مُعاملته سوءاً يوماً بعد يوم،وكان يضربها بِشراسة وحقد حتى بَقِيتْ في المستشفى عدة أشهر تتعالج بسببضربه لها، وعَمِلَتْ ثلاث عمليات في العَمُودِ الفَقَرِّي، واستعملت كرسيالعجلات سنة ونصف، وصَلَ بهم الأمر إلى الطلاق، وقد رَفَعَتْ هذه المرأةعلى زوجها دعوى عند القاضي، لكن كانت تقول: هل أُسْقِطْ الدعوى عن هذاالرجل وأُفوض أمري إلى الله عز وجل أو أُطالبه به، مع أنِّي سأضطرُ وأقِفْأمام القاضي، وهي لا تُريد ذلك ، لأنها احتمال أن تخضع إلى فَحْصٍ طبي لأجلأن تُكمل الدعوى، فتضطر معها إلى عرضِ جسدها على الأطباء، فهذا الذي دعاهالإسقاط الدعوى، واستمرت هذه المرأة على دينها مُتَمَسِكَةٌ بحجابها، ولميُغير دينها هذا الرجل سيءُ الخُلُقْ.
القصة الثالثة والعشرون:
وأخرى كانت تنصحزوجها حتى يترك هذه العادة السيئة (( التدخين ))، ولا يقبل ولا يهتم ولاكأنها تُكلمه، ففي ذات مرة تقول: دخل علينا ابننا البالغ من العمر ثلاثسنوات وفي فمه سيجارة، وبدون شعور من والده قام وصَفَعَ ابنه، وهي أول مرةيضرب فيها زوجي أحد أبناءه، لأنه رحيمٌ بهم يحبهم ويعطف عليهم، فقالتالزوجة: بهذه الكلمات القليلة اليسيرة، استغلتْ هذه الفرصة ودعت زوجها إلىالله عز وجل، فقالت له: إنه يعتبرك القدوة لذلك يعمل مثل هذا العمل، فخرجتْهذه الكلمات من قلبٍ صادقٍ ناصح فَوقَعَتْ في قلبه، فأقلع من ذلك اليوم عنالتدخين.
القصة الرابعة والعشرون:
كلمةمؤثرة، كانت هناك امرأة متهاونة في الصلاة، زوجها كثير السفر، ولِذَافإنها اعتادت على الخروج دائماً من المنزل بلا استئذان، حتى مع وجود زوجهاتخرج بدون استئذان، وكان إذا قَدِمَ من السفر يغضب إذا رأى خروجها وينصحهابعدم الخروج، ويحُثَّها كثيراً على تربية الأولاد، تقول هذه المرأة: لمأهتم كثيراً بما كان يقول، وكُنْتُ أخرجُ بدون استئذان، وكُنْتُ أَلْبَسالملابس الفاخرة، وأتعطر بأحسنِ العطور، وسَمِعتُ ذات مرة أنه سيُقام فيمنزل أحد الأقارب مُحاضرةً لإحدى الداعيات، فذهبتُ إلى حضورها حُبَّاًللإستطلاع، فَتَحَدَثَتْ هذه المرأة الداعية الحكيمة عن بعض مُخالفاتالنساء، حتى أَبْكَتِ الحاضرات، قالت هذه المرأة المُتهاونة: فتأثرتُ بهاوسَأَلْتُها عن حُكْمِ الخروج من البيت من غير إذنِ الزوج، فَبيَّنتْ ليأنَّ هذا حرام إلا بإذنِ الزوج، وأَرشَدَتها أن لا تتبرج، وأن تُحافظ علىنفسها، قالت: لمّا قَدِمَ زوجي من السفر اعتذرتُ منه وطلبتُ منه السماحوالعفو، واستأذنته للخروج مرَّةً من المرات فقال: مُُنذُ متى وأنتِتستأذنين مني، فقالت: له هذا الخبر وهذه القصة، فَحَمِدَ الله عز وجل علىنعمة الهداية
لا تُنْكِروا أَثَرَ الكلامِ فإنَّهُ أَثَرٌ عَجِيبٌ فيالنُفُوسِ مُجَرَّبُ
القصة الخامسةوالعشرون:
امرأةٌ حفظها حجابها، سافر زوجها وتركها معأولادها وأوصى أخاه الكبير بأن يأتي إلى زوجته، وأن يقوم بأعمال البيت،ويُتابع الأولاد، تقول هذه المرأة: كان يأتي هذا الأخ الكبير كل يومتقريباً، وكان لطيفاً في أولِّ أيامه، لكن لمّا أكْثَرَ التردد علينا وليسعندي محرم ولم أتحجب بدأت تظهر منه تصرفاتٍ غريبة حتى قَدِمَ زوجي، وكنتُأريد أن أُفاتح زوجي في الموضوع، لكن خِفْتُ من المشاكل، ثم سافر زوجيمَرَّةً أُخرى ورجع أخوه إلى حالته الأولى، من الحركات الغريبة، والكلامالعاطفي، وبدأ يُعاكس زوجةَ أخيه، وبدأ يحضر في كل وقت، لِـسـببٍ أو بدونسـبب، تقول هذه المرأة: لقد تَعِبْتُ من تصرُفاته، فَكَّرتُ في الكتابة إلىزوجي لكن تَراجَعْتْ حتى لا أُضايقه لأنه في بلدٍ آخر، يبحث عنالمَعِيشَة، وحتى لا تحصل المشاكل، وقُلتُ لابد من نَصِيحَةِ هذا الخَائِنْالغادر، ونَصَحَتْ هذا الرجل الذي هو ليس برجل، لكن لم ينفع فيه النُصح،وتقول: كنتُ أدعوا الله عز وجل كثيراً أن يحفظني منه، تقول فَطَرَأتْ علىبالي فكرة، فكرتُ في لبسِ الحجاب، وتغطية وجهي، وكتبتُ لزوجي بأنَّي سأتركُمُصافحةَ الرجال الأجانب، فشجعني زوجي، وأرسَلَ لي كُتُباً وأشرطة ، وتقولهذه المرأة بعدما لبِسَتِ الحجاب: وعندما جاء شقيقُ زوجي كعادته ذلكالخائن ورآنِّي وَقَفَ بعيداً، وقال: ماذا حصل؟ قُلْتُ لن أُصافح الرجال،إلاَّ محارمي، فوقف قليلاً ثم نَكَّسَّ رأسه فَقُلْتُ له: إذا أردتَ شيئاًفَكَلِّمني من وراء حجاب فانصرفْ، فَكَفَّ الله عز وجل شرَّهُ عنها.
القصة السادسة والعشرون:
أمّا ما جاء عنأُمِّ صالح، امرأةٌ بلغت الثمانين من عمرها تتفرغُ لحفظ الأحاديث، إنَّهانموذجٌ فريد من أعاجيب النساء، أَجرتْ مجلة الدعوة حوارًا معها فقالتْ هذهالمرأة إنّها بَدَأتْ بحفظ القرآن في السبعين من عمرها، امرأةٌ صابرة،عاليةُ الهمّة، قالت هذه الحافظة الصابرة: كانت أُمنيتي أن أحفظ القرآنالكريم من صِغَري، وكان أبي يدعوا لي دائماً بأن أحفظ القرآن كإخوتيالكبار، فحَفِظتُ (3) أجزاء، ثم تزوجتُ وأنا في الثالثة عشر من عمري،وانشغلتُ بالزوج والأولاد، ثم توفي زوجي ولي سبعةٌ من الأولاد كانواصِغَاراً، تقول: فانشغلتُ بهم، بتربيتهم وتعليمهم والقيام بشؤونهم، وحينرَبّتهم وتَقَدمتْ بهم الأعمار، وتزوج أكثرُهُمْ ، تَفَرَغَتْ هذه المرأةلِنَفْسِها، وأول ما سَعَتْ إليه أنَّها بدأتْ بحفظ القرآن ، وكانت تُعينهاابنتها في الثانوية، وكانت المُعلمات يُشجعنَ البنت على حِفْظِ القرآن،فَبَدَأتْ مع أُمِّها كُلَّ يوم تحفظ عشرة آيات ..
أمَّا طريقةالحفظ: كانت ابنتها تقرأ لها كل يوم بعد العصر عشر آيات، ثم تُرددها الأُمثلاث مرات، ثم تشرح لها البنت بعض المعاني، ثم تردد هذه الأم الآيات العشرثلاث مرات أخرى، ثلاث ثم تشرح ثم ثلاث، وفي صباح اليوم الثاني تُعيدهاالبنت لأُمها قبل أن تذهب إلى المدرسة، وكانت هذه المرأة الكبيرة في السِّنتستمع لقراءة الحُصَري كثيراً وتُكرر الآيات أَغْلَبَ الوقتْ حتى تحفظ،فإن حَفِظَتْ أَكْمَلَتْ، وإن لم تحفظ فإنها تُعاقب نفسها وتُعيد حفظالأمس، تُعيده في اليوم التالي مع ابنتها، وبعد أربع سنوات ونصف حَفِظَتْهذه الأم اثنا عشر جزءاً، ثم تزوجتْ البنت، ولمّا عَلِمَ الزوج بشأن زوجتهمع أمها وطريقة الحفظ، استأجرَ بيتاً بالقُربِ من منزل الأم، وكانيُشَجِّعُ البنت وأمها، وكان يَحضُرُ معهن أحياناً ويُفَسِّرُ لَهُنَّالآيات، ويستمع لحفظهن، واستمرتْ هذه البنت مع أمها ثلاثة أعوام أيضاً ثمانشغلت بأولادها، وبَحَثَتْ عن مُدَّرِسَةْ تُكْمِلُ المشوار مع أمها، فأتتلها بِمُدَرِّسَة، فَأَتَمَّتْ حفظ القرآن الكريم، هذه المرأة الكبيرةأَتَمَّتْ حفظالقرآن وما زالت ابنتها إلى إجراء الحوار مع أُمها تواصلالحفظ حتى تلحق بالأم الكبيرة في السِّنْ، وقد حَفِظتْ القرآن بعد أكثر منعشر سنوات، أمَّا النِّساء حولها فَتَأَثرنَ بها، فبناتها وزوجات أبنائهاتَحَمَّسْنَ كثيراً وكُنَّ دائماً يضربنَ المثل بهذه الأم العجيبة،وبَدَأْنَ بحلقة أسبوعية في منزل الأم للحفظ، فصارت هي العالِمة بينهُنْ،أو الحافظة بينهُنْ ...
وقد أَثَّرتْ هذه المرأة بحفيداتها، فكانتتُشجعُهُنَّ بالإلتحاق بحلقات التحفيظ، وتُقدم لهُنَّ الهدايا المُتنوعة،أمَّا جاراتها فأول الأمر كُنَّ يُحْبِطْنَ عزيمتها ويُرددنَ إصرارها علىالحفظ لِضَعْفِ حِفْظِها، ولمَّا رأَينَ استمرارها وصبرها، بَدَأنَيُشَجِعْنها، تقول هذه الأم المُربية العجيبة التي حَفِظَتْ القرآن بعدالثمانين: حينما عَلِمَتْهؤلاء النِسْوة أَنِّي حَفِظْتُ القرآن رَأَيْتُ دُمُوعَ الفَرَحِ منهُنْ،وهذه المرأة تَسْتَمِعْ كثيراً إلى إذاعة القرآن الكريم، وتَقْرَأُ فيصلاتها السور الطويلة، بَدَأَتْ بالحفظ وعُمْرَهَا تجاوز السبعين، ثمَّ لمتكتفي هذه المرأة بحفظ القرآن فقط ـــ بل انْتَقَلَتْ إلى حفظِ الأحاديثالنبوية، فهي تحفظ إلى إجراءِ الحوار (90) تسعين حديثاً، وتحفظ مع إحدىبناتها، وتعتمد على الأشرطة، وتُسَمِّعْ لها ابنتها كل أسبوع ثلاثة أحاديث،اسْتَمَرَّتْ هذه المرأة أكثر من عشر سنوات في الحفظ، تقـــول: أَحْسَـسْتُ بِإِرْتِياحٍ عجيب بعد حفظِ القرآن، وغَابَتْ عَنِّي الهموموالأفكار، ومَلأْتُ وقْتَ فراغي بطاعة ربي، اقْتَرَحَتْ عليها بعض النسوةأَنْ تَدخُلَ في دُورِ تحفيظ القرآن، فَأجَابتْ هذه المرأة وَرَدَّتْفقالت: إِنِّي امرأةٌ تَعَودتُ على الجُلُوس في البيت ولا أَتَحَمْلُالخروج، وتدعُوا كثيراً لإبنتها وتَشْكُرها بأنَّها بَذَلَتْ معها الكثيرالكثير، تقول: وهذا من أَعْظَمِ البِرِّ و الإحْسَانْ، خَاصَّةً أَنَّالبنت كانت في مرحلة المُراهقة، التي يشكوا منها الكثير، فكانت البنت تضغطعلى نَفْسِهَا وعلى دراستها لِتُفَرِّغَ نَفْسَهَا لِتَعْلِيمِ أُمِّهابِصَبْرٍ و حِكْمَة، وثُمَّ خَتَمَتْ هذه المرأة الصالحة وقالتْ: لا يأْسَمع العَزِيمَةِ الصَادِقَة، ولا يَأْسَ مع قُوةِ الإرادة والعَزمِ والدعاء،ثُمَّ البداية في حفظِ القرآن، ثُمَّ قالتْ: والله ما رُزِقَتْ الأُمُّبِنِعْمَةٍ أَحَبِّ إليها من ولدٍ صالحٍ يُعِنُها على التَقَرُّبَ إلى اللهعز وجل.
صَدَقَ الشاعِرُ حينَ قال :
بَصُرْتُبِالرَّاحَةِ الكُبْرى فَلَمْ أُرَها *** تُنَالُ إلاَّ على جِسْرٍ مِنَالتَعَبِ
القصة السابعة والعشرون:
معلمة ماتت: تُوفيت إحدى المُعَلِّمَاتْ الدَّاعِياتْ مَعَ زَوجِهَا في حَادِثْ،وكَتَبَتْ عَنْها بعض الطَالِبَاتْ، بعض المَقَالاتْ في إِحْدَى الصُحُفْ،فَمِنْ ذَلِكَ قالتْ إِحْدَاهُنْ: رَحِمَكِ الله أُسْتَاذَتِي، جَعَلْتِجُلَّ اهتِمَامَكِ الدعوة، وجَعَلتِ نَصْبَ عينيكِ إيقاظُ القُلُوبِالغافِلَة، فَأَنْتِ المَنَارُ الذي أَضَاءَ لنا الطريق، لَنْ يَنْسَاكِمُصَلَّى المدرسة، لكن سَيَفْقِدُ صَوتَكِ العَذْبْ، وكَلامَكِ الرَّصِينْ،والقِصَصَ الهادِفَة التي تَأْتِينَ بها، والمَواعِظَ الحَسَنَة، ولَنْأَنْسى جُمُوعَ الكَلِمات التي تَصْدُرُ منها، ولن أنسى المُعلمات ولاالطالبات اللاتي يُسْرِعْنَ لِحُضُورِ درسَكِ في وقْتِ الإِسْتِراحة،فَسَتَبْقَى كَلِمَاتُكِ ونَصَائِحُكِ مَحْفُوظَةً في جُعْبَتِي لنأَنْساها ما حييتْ.
لا تُنكِروا أَثَرَ الكَلامِ فَإِنَّه ُ *** أَثَرٌعَجِيبٌ في النُفُوسِ مُجَرَّبُ
ومَهْما كَتَبْتُ أودَوّنْتُ فَلَنْ أَصِلَ إلى نِصْفِ ما بذلتيه لنا. وقالت طالبةٌ أخرى عنهذه المعلمة: ما زَالَتْ كَلِمَاتُها في قلبي إلى الآن، لمّا قالت ليناصحةً: إنَّ للإيمانِ طَعْمَاً حُلْواً لَنْ يَتَذَوقْهُ إلاَّ مَنْأَطَاعَ الله عز وجل. مازالتِالقِصَصْ التي قُلْتِيها في قلبي ووجداني، لقد رأيتُها في المنام قبلوفاتها، سَمِعْتُ صوتاً حول هذه المُعَلّمَة يقول: هذه المرأة على طريقِالعُلَمَاءْ، تقول هذه الطالبة: فلمّا أَخْبَرتُها تَبَسْمَّتْ. ـــرَحِمهاالله ـــ على ما بذلته من أعمال الخير.
القصةالثامنة والعشرون:
امرأةٌ أخرى تتمنى أنَّها إذا دَخَلَتِالجَنَّة، أَنْ تَجْلِسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، وتُصَلِّي وتَعْبُدُ الله عزوجل، لِحُبِّها للصلاة وتَعَلُقِها بها.
يــاابْنةَ الإِسْلامِ يا نَسْـلَ الهُلى سََطَّروا الأَمْجَاد بِالفَتْحِالمُبـــِينْ فَتَّحُواالأَقَفَالَ في وجْهِ الضُحـى أَسْعَـدُوا الإِنْسَانَ في دُنْيا و دِينْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق