الجمعة، فبراير 15، 2013

النخلة والداعية


قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق: 9-11]
وصف الله النخلة في هذه الآيات وصفًا بديعًا في خمس كلمات في غاية الدقة والجمال لمن يتأمل النخلة، فأول ما يلفت النظر طولها ثم بعد ذلك جمال طلعها وترتيبه.
النخلة شجرة مباركة ارتبط اسمها بجزيرة العرب وأصبحت شعارًا لها، وهي من الأشجار الجميلة والممتعة المنظر.
والطلع هو أول ما يخرج من ثمر النخل يقال: طلع الطلع طلوعًا، واطلعت النخلة وطلعها غطاءها قبل أن ينشق.
نضيد: أي: متراكب قد نضد بعضه على بعض، فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد.
الطلع بعد انشقاق الغطاء عنه تصبح حياته متناثرة بعد أن كان منضودًا ويخرج من أكمامه.
كذلك ذكرت النخلة في القرآن في أكثر من سورة وشبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنخلة، فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟»
فوقع الناس في شجر البوادي.
قال عبدالله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله قال: «هي النخلة».
عن ابن عمر أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمن مثل النخلة، ما أخذت منها من شيء نفعك»
وذكر ابن القيم في كتابه القيم (مفتاح دار السعادة) عشرة وجوه من أوجه التشابه بين النخلة والمؤمن نوردها مختصرة:
يقول ابن القيم:
"تأمل النخلة التي هي إحدى آيات الله تجد بعد أن ينشق الطلع عن أكمامه يصبح بلحًا أخضر اللون كالزمرد، فيها من الآيات والعجائب ما يبهرك منها ما يلي:
إنه لما قدر أن يكون فيها إناث تحتاج إلى اللقاح جعلت فيها ذكور تلقحها بمنزلة الحيوان وإناثه.
كما أن عمرها يقارب عمر الإنسان، ولها جذع واحد، وإذا قطع رأسها فإنها تموت.
طيب ثمرها وحلاوته، وكذلك المؤمن.
ثمرها من أنفع ثمار العالم، فإنه يؤكل رطبه فاكهة وحلاوة، ويابسة يكون قوتًا وإدامًا وفاكهة، ويتخذ منه الخل والحلوى، ويدخل في الأدوية والأشربة.
دوام لباسبها وزينتها فلا يسقط عنها صيفًا ولا شتاءً كذلك المؤمن لا يزول عنه لباس التقوى حتى يوافي ربه.
النخلة كلها منافع لا يسقط منها شيء بغير منفعة، فثمرها منفعة وجذعها للأبنية والسقوف وسعفها تستقف منه البيوت ويستر به الفرج والخلل وخوصها تتخذ منه المكايل والزنابيل، والحصر وليفها وكربها فيه من المنافع ما هو معلوم عند الناس.
إنها كلما طال عمرها ازداد خيرها وجاد ثمرها، وكذلك المؤمن إذا طال عمره ازداد خيره وحسن عمله.
إن قلبها من أطيب القلوب وأحلاها وهذا أمر خصت به النخلة دون سائر الشجر وكذلك قلب المؤمن من أطيب القلوب.
إنها لا يتعطل نفعها بالكلية بل إن تعطلت منها منفعة فلها منافع أخرى وهكذا المؤمن لا يخلو من خصال الخير قط إن اجدب منه آخر فلا يزال خيره مأمولاً وشره مأمونًا.
مجلة البشرى
موقع وذكر الإسلامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق